مخطط الموضوع
- عام
- تمهيد
تمهيد
يصبو تعليم الرياضيات إلى تحقيق هدفين أساسيين، أولهما يخص الجانب التفكيري (تنظيم التفكير: التجريد، الفهم، الترميز، المنطق)، بينما يخص ثانيهما الجانب النفعي (نفعية الرياضيات في الحياة)، ويتم ذلك عبر ممارسة ما يعرف بالنشاط الرياضياتي.
يتميز النشاط الرياضياتي بتعدد جوانبه مما يجعله معقدا، وبالتالي مزاولته بفعالية تتطلب استعمال كفاءات متنوعة. تتمثّل جوانب النشاط الرياضياتي، الأكثر شيوعا بين المدرسين والتعليميين، في الشكلية والخوارزمية والحدسية، وذلك رغم وجود بعض الاختلاف بشأنها بين الرياضياتيين وإغفال بعضها الآخر على غرار الجانب التجريبي الذي بات يحظى باهتمام كبير في المناهج الحديثة للرياضيات. تجسّد الجوانب الثلاث الأولى المذكورة آنفا نموذجا لنشاط رياضياتي يتّسم بتفاعل بين رياضيات شكلية استنتاجية دقيقة ورياضيات كنشاط إنساني.
- 1. الجانب الشكلي
1. الجانب الشكلي
يشمل البديهيات والتعاريف والنظريات والبراهين.
1.1 البديهيات:
هي قضايا بيّنة بنفسها (يقبلها العقل دون حاجة إلى برهان)
تقوم هندسة أوقليدس على خمس مصادرات (بديهيات)؛ تنص خامستها على أنه من نقطة خارج مستقيم لا يمكن رسم إلا موازيا وحيدا لهذا المستقيم. أفضى الجدل الطويل بين الرياضياتيين حول هذه المصادرة إلى ميلاد هندسات جديدة لا- إقليدية تقوم على نفس مصادرات أوقليدس باستثناء مصادرة التوازي. أبرزها الهندسة الزائدية لكل من لوباتشيفسكي Lobatchevski (1829) وبولاي Bolyai (1832)، والتي تعتمد على المصادرة "من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم أكثر من مواز لهذا المستقيم" (وفيها يكون مجموع أقياس زوايا مثلث أقل من 180 درجة)، وكذا الهندسة الكروية أو الإهليليجية لريمان Riemann (1867)، والتي تعتمد على المصادرة "من نقطة خارج مستقيم لا يمكن رسم أي مواز لهذا المستقيم" (وفيها يكون مجموع أقياس زوايا مثلث أكبر من 180 درجة).
2.1 التعاريف:
إن الأفكار الرياضياتية هي تركيبات من صنع العقل ومهمة التعريف هي وصف تلك الأفكار وصفا يسمح بتمييزها عن غيرها واستنتاج خواص أخرى انطلاقا منها. يتضمن التعريف، إذن، مدلولا (أفكارا) ودالا (وصفا لتلك الأفكار)، ويتميز بالافتراضية من حيث الأفكار (قد لا يكون للأفكار أساس واقعي "أفكار مجردة") والاعتبارية من حيث الوصف (يأخذ الوصف في الاعتبار الوجهة المنظور من خلالها في الأفكار الموصوفة)، وينجم عن ذلك إمكانية تعدد التعاريف لنفس الفكرة.
أمثلة:
- الدائرة:
تعريف 1: مجموعة النقاط متساوية المسافة عن نقطة ثابتة تسمى مركز الدائرة.
تعريف 2: المحل الهندسي الناتج عن تقاطع أسطوانة (أو مخروط دوراني) مع مستو عمودي على محورها.
- القطع الناقص:
تعريف 1: مجموعة النقاط التي يكون مجموع مسافتيها إلى نقطتين ثابتتين (يطلق عليهما بؤرتي القطع الناقص) يساوي قيمة ثابتة.
تعريف 2: المحل الهندسي الناتج عن تقاطع أسطوانة (أو مخروط دوراني) مع مستو غير عمودي على محورها.
ملاحظة: تعرّف الدائرة أيضا بأنها قطع ناقص تباعده المركزي معدوم (باعتبارها حالة خاصة منه).
ملاحظة: يمكّن التعريف من إعطاء أمثلة تحقق المفهوم، ونفيه من إعطاء أمثلة لا تحقق المفهوم مما يسمح بالاستيعاب.
3.1 النظريات:
هي قضايا تبرهن باستعمال البديهيات والتعاريف والنظريات المبرهنة.
أمثلة:
- النظرية الشهيرة لأوقليدس "مجموعة الأعداد الأولية غير منتهية"
الصياغة القديمة: من أجل كل عدد أولي يوجد عدد أولي أكبر منه.
البرهان (تمرين)
- نظرية غوص: إذا قسّم عدد طبيعي غير معدوم جداء عددين صحيحين وكان أوليا مع أحدهما فهو يقسم الآخر.
البرهان (تمرين)
4.1 البراهين:
البرهان هو بصفة عامة أية مناقشة يتم فيها تقديم أدلة مقنعة حول صدق أو كذب قضية معينة.
يمكن سرد ستة أنماط (على الأقل) تعتبر كبرهان مقنع لقضية ما لدى كثير من الناس.
- الخبرة الشخصية: تكون صالحة في حالات خاصة لكنها غير صالحة في حالة التعميمات (الحالات العامة).
مثال: اعتماد تلميذ على خبرته بالمتطابقات الشهيرة وقواعد التحليل إلى جداء عوامل لا يكفي لحل جميع أصناف المعادلات من الدرجة الثانية.
- قبول ما يصدر عن ذوي الاختصاص: قبول كل ما يصدر عن المعلم والكتاب المدرسي على سبيل المثال.
- تعميم حالات خاصة: قبول ما يشاهد في مواقف معيّنة خاصّة على أنه برهان لصحة قضية عامة.
- عدم وجود مثال مضاد: ما دام لم يتم إيجاد مثال مضاد، فالافتراض صحيح. (حالة كثير من التخمينات)
- الاستخدام المفيد للنتائج: بعض طرق حل المعادلات التفاضلية قبلت بأنها صحيحة دون برهان رياضياتي يثبت صحتها. هذه الطرق تفيد فعلا في الوصول الى حلول رياضياتية لبعض المشاكل الفيزيائية.
- المناقشة الاستنباطية (الاستنتاجية): تُجرى على مجموعة من الفروض (المعطيات) التي يفترض أنها صحيحة وتتابع المناقشة حتى تنتهي إلى مجموعة من النتائج التي تشتق منطقيا من تلك الفروض.
ملاحظات:
- كل نتيجة تترتّب عن الاستنباط تكون صحيحة شريطة أن تكون الفروض (المعطيات) التي تشتق منها صحيحة أيضا.
- تعتبر المناقشة الاستنباطية الطريقة الوحيدة المقبولة في الرياضيات؛ فالحكم الذي يبنى على أي نوع من أنواع البرهان الخمس السابقة يمكن أن يكون خاطئا في الرياضيات، ومع ذلك قد تكون مفيدة في ميادين أخرى.
- تتخذ المناقشة الاستنباطية في الرياضيات شكلين مختلفين، شكل مباشر وشكل غير مباشر.
- تدخل أنماط البرهان المعروفة ضمن المناقشة أو البرهان الاستنباطي، وتصنّف تبعا لذلك إلى صنفين: مباشرة وغير مباشرة.
- لمزاولة النشاط الرياضياتي لا بد من تعلّم البرهان في المدرسة، ويرجع ذلك بالأساس إلى الأسباب التالية:
- إن توسيع المعارف الرياضياتية وإعادة صياغة المعارف القائمة يتطلب البرهان على صحة النظريات مما يسمح بالتوسّع والكشف الرياضياتي.
- يساعد البرهان على اكتساب أفضل الطرق المستعملة من طرف الرياضياتيين وكذلك طبيعة البناء الرياضياتي.
- يوفر البرهان موقفا محايدا يمكّن من اختيار الصيغ الاستنتاجية الصحيحة.
- يمكّن البرهان من التدرّب واكتساب استراتيجيات لحل المشكلات وكلها تؤدي إلى نمو التفكير السليم في الذهن.
- 2. الجانب الخوارزمي
2. الجانب الخوارزمي
لا يكفي الجانب الشكلي لحل المشاكل بل لا بد من الجانب الخوارزمي (الاجراءات المستعملة في الحل مثل عملية قسمة طويلة، استخراج الجذر التربيعي، ...).
- لابد من المهارات التي تكتسب فقط بالتدريب المنتظم والنسقي حتى لا تنسى.
- لا يمكن اختصار الاستدلال الرياضياتي في نظام تستعمل فيه إجراءات الحل؛ فأهم المهارات العقلية تبقى غير فعالة لما تعالج وضعيات غير مألوفة لذلك لابد من التعامل مع التبريرات الشكلية لهذه الإجراءات حتى لا تنسى عاجلاً أم آجلا.
تطبيق 1: أحسب الجذر التربيعي للعدد 1234567890.
تطبيق 2: - عيّن الحد النوني لمتتالية الأعداد الطبيعية 1، 31، 331، 3331، ...
- بيّن أنه يوجد عدد غير منته من الحدود المركبة (غير الأولية) في هذه المتتالية.
- 3. الجانب الحدسي
3. الجانب الحدسي
يعتمد الجانب الحدسي على درجة الذاتية (الاستعداد الفطري) في قبول مفهوم أو نظرية أو حل.
يمكن الإشارة إلى عدة أنماط من الحدس وهي: المعرفة الحدسية، الفهم الحدسي، الحل الحدسي.
إنّ المعرفة الحدسية هي تلك المعرفة التي تقبل مباشرة بدون حاجة إلى تحقيق لأنها تمتاز بالحجة الذاتية.
أمثلة:
- الكل أكبر من أي جزء من أجزائه.
- في الهندسة الإقليدية، من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم مواز وحيد لهذا المستقيم.
- أقصر مسافة بين نقطتين هي طول قطعة المستقيم الواصلة بينهما.
إنّ المعارف الحدسية قد تنسجم مع الحقائق المبررة منطقيا ولكن أحيانا قد تتعارض معها؛ ففي الحالة الأولى يكون الحدس مسهلا للتعلّم بينما في الحالة الثانية يكون حاجزا ابستمولوجيا للتعلّم وحل المشكلات.
أمثلة تاريخية:
- مفهوم الهندسة الإقليدية (حوالي 300 سنة ق. م ) والهندسة اللاّ-إقليدية (القرن19م).
- مفهوم اللانهاية: الكامنة (منذ القدم) والحالية (القرن19).