حظي مفهوم البرهان والاستدلال الرياضياتي عموما باهتمام بالغ في تعليمية الرياضيات، إذ الرجوع إلى أدبيات هذا الحقل العلمي يكشف عن أمرين أساسيين. يتمثّل أولهما في اتفاق معظم التعليميين الرياضياتيين على أن البرهان الرياضياتي ما هو إلا حالة خاصة من الاستدلال، بينما يتمثّل الثاني في وجود بعض التباين والاختلاف حول مفهوم الاستدلال الرياضياتي، ومع ذلك هنالك شبه إجماع على أن هذا الأخير مفهوم واسع ومرتبط بعدة مفاهيم وإجراءات بعضها صريح وبعضها الآخر ضمني، نخص بالذكر المفاهيم التالية:

الشرح، الإقناع، الإثبات، الاستدلال، البرهان، ... 

يصبو تعليم الرياضيات إلى تحقيق هدفين أساسيين، أولهما يخص الجانب التفكيري (تنظيم التفكير: التجريد، الفهم، الترميز، المنطق)، بينما يخص ثانيهما الجانب النفعي (نفعية الرياضيات في الحياة)، ويتم ذلك عبر ممارسة ما يعرف بالنشاط الرياضياتي.

يتميز النشاط الرياضياتي بتعدد جوانبه مما يجعله معقدا، وبالتالي مزاولته بفعالية تتطلب استعمال كفاءات متنوعة. تتمثّل جوانب النشاط الرياضياتي، الأكثر شيوعا بين المدرسين والتعليميين، في الشكلية والخوارزمية والحدسية، وذلك رغم وجود بعض الاختلاف بشأنها بين الرياضياتيين وإغفال بعضها الآخر على غرار الجانب التجريبي الذي بات يحظى باهتمام كبير في المناهج الحديثة للرياضيات. تجسّد الجوانب الثلاث الأولى المذكورة آنفا نموذجا لنشاط رياضياتي يتّسم بتفاعل بين رياضيات شكلية استنتاجية دقيقة ورياضيات كنشاط إنساني.