مخطط أسبوعي

  • 1. تمهيد

    نعتبر كل نشاط رياضياتي يتمتّع بجوانب شكلية وخوارزمية وحدسية... هو نص رياضياتي. إن تمتعه بهذه الجوانب يجعله يدمج رياضيات شكلية استنتاجية دقيقة برياضيات كنشاط إنساني.   فهو إذن يحقق احتياجات العقل واحتياجات المجتمع. نذكّر بأن الجانب الشكلي يشمل البديهيات والتعاريف والنظريات والبراهين. لكن الجانب الشكلي لا يكفي وحده لحل مشاكل رياضياتية، لابد إذن من معرفة الخوارزميات وهي الإجراءات المستعملة في الحل (عملية قسمة طويلة، استخراج الجذر التربيعي،...) إن التحكم في هذه الإجراءات يولّد مهارات تكتسب بالتدريب المنظم النّسقي. نقصد بالجانب الحدسي درجة الذاتية في قبول مفهوم أو نظرية أو حل رياضياتي. إن المعرفة الحدسية قد تنسجم مع الحقائق المنطقية وبالتالي تسهّل عملية التّعلم، وقد تتعارض معها فتكون عائقا لها.

    • 2. فهم نص رياضياتي

      إن الفهم من الوجهة النفسية هو إدراك العلاقات القائمة في موقف يجابه الفرد وإدراك ذلك الموقف ككل مترابط. بينما الفهم من الوجهة العملية هو التكيف الناجح لموقف يجابه الفرد، وهو لا يأتي إلا نتيجة لفهم العلاقات القائمة في الموقف وتمييز العناصر الرئيسية فيه[1].

       يرى [2] أن الفهم يأتي من خلال ثلاثة أنواع من السلوكات هي الترجمة (التحويل بين التعابير اللفظية والرمزية والبيانية مثلا) والتفسير (تقديم وجهة نظر جديدة لنص مثلا) والاستكمال (إضافة عن طريق الاستقراء مثلا).

      يؤكد [3] أن فكرة تكون مفهومة إذا استعملت من طرف المتعلم. تكمن أهمية هذا الرأي في تطبيقه في تقييم ما فهمه المتعلم. وبالتالي هذا التطبيق قد يشمل الترجمة أو التفسير أو الاستكمال. لما كانت هناك حدود لما يمكن أن يفهم، فقد قدّم [4] ثلاث مستويات من الفهم هي:

      -       فهم وسائلي (Instrumental understanding): يتميز بالشكل ''قوانين بدون سبب''. هو القدرة على تذكّر وتطبيق دستور ملائم لحل مشكل بدون معرفة لماذا الدستور يطبّق.

      مثال1: قسمة كسرين (ضرب الكسر الأول في مقلوب الكسر الثاني). قد يصل المتعلم إلى النتيجة الصحيحة دون أن يدري السبب. إن فهم السبب يتطلب فهم المفاهيم الأولية المكونة للمفهوم الأصلي وهي: العملية وعكسها، العنصر المحايد في عملية الضرب، خاصية ضرب حدي كسر في عدد مغاير للصفر لا يغير من قيمة الكسر.

      مثال2: مفهوم العدد. يعرف المتعلم العدد ويميّزه عن غيره. لكن هل يدل ذلك على فهمه لمفهوم العدد؟ فلكي يفهم العدد لابد من ربطه بمفاهيم أولية أساسية في تكوينه مثل المجموعات المتساوية القدرة والتناظر الأحادي وعلاقة الترتيب.

      تمرين: قد يصل المتعلم إلى النتيجة الصحيحة في عملية ضرب عددين طبيعيين دون أن يدري السبب لماذا نزيح منزلة واحدة إلى اليسار في حالة حواصل الضرب الجزئية. كما أنه قد يستعمل معيار ''إقصاء 9'' للتأكد من صحة النتيجة دون معرفة تبريره. كيف تجعله يفهم السبب في الحالتين؟

      -       فهم عقلاني (Rational understanding): يتميز بالشكل ''معرفة ماذا تعمل ولماذا''. هو القدرة على استنتاج دساتير خاصة أو أنماط من علاقات أكثر تعميما.

      مثال1: يعتبر النصان ''إذا كان مثلث متساوي الأضلاع فهو متساوي الساقين''، و''إذا كان مثلث غير متساوي الساقين فهو غير متساوي الأضلاع'' متكافئين. يكفي أن يستدل المتعلم بذلك بقوله أن النص الثاني هو عكس تقيض النص الأول لندرك بأن فهمه كان عقلانيا.

      مثال2: بالرجوع إلى عملية ضرب عددين طبيعيين (الوارد في التمرين السابق)، فإذا أعطى المتعلم السبب المبرّر للحالة الأولى (أو الثانية) يكون فهمه عقلانيا. 

      -       فهم منطقي (Logical understanding): يتميز بالشكل ''المعرفة مع البرهان''. هو القدرة على ربط أفكار رياضياتية وتركيبها ضمن حلقات استدلالية منطقية.

      تطبيق (على مستويات الفهم الثلاثة): حل في مجموعة الأعداد الحقيقية المعادلة:

      -       ترك المجهول في طرف ونقل العدد إلى الطرف الآخر مع تغيير إشارته. الفهم هنا وسائلي.

      -       بما أن (R,+) زمرة، إذن نضيف نظير 3 إلى الطرفين... يكون الفهم عقلانيا.

      -       تركيب حل باستعمال خواص الزمرة في حلقات استدلالية منطقية. يكون الفهم منطقيا.   

      إن فكرة ''مستوات الفهم'' هامة جدا في تشخيص درجة صعوبات المتعلم إذ قد يحدث تعارض بين المتعلم ومفهوم ما لما يكون فهمه وسائليا وهدف الفكرة عقلانية أو منطقية. وعليه، فمستوات الفهم الثلاثة كلها لها مكانتها في تطوير القدرة الرياضياتية.

      • 3. فهم نص رياضياتي

        إن فهم نص رياضياتي يعني فهم البنية التي يتكون منها. يمكن أن نعرض طريقتين مختلفتين في المصدر لكنهما متفقتان في المضمون.

           1.3 تتعلق الطريقة الأولى [5] بتحليل نص رياضياتي إلى وحداته من المعاني وذلك بالتمييز بين ثلاثة أنواع من المعاني هي: جمل موجودة في النص، وجمل موجودة في أسئلة النص، وجمل تستنتج من النص أو تؤتى من معرفة القارئ. وعليه، عندما يلاقي المتعلمون صعوبة في نص، من المفيد على المعلم أن يرسم مخططا لوحدات معانيه كأداة مساعدة لتحليل هذه الصعوبات وتقدير الوحدات التي تكون مفقودة في النص نفسه. إن فائدة هذه الطريقة تكمن في استخلاص الأفكار الأساسية لاستعمالها في التحصيل أو في حل مشاكل، وكذلك في كتابة نص جديد خال من كثير من الصعوبات التي لا مبرر لها. بالرجوع إلى المرجع أعلاه، أدرس المثال المتعلق بتقديم الكسور لتلاميذ عمرهم 11 و 12 سنة حيث أغلبيتهم وجدوا النص صعبا. لما حلّل إلى وحداته من المعاني ذلّلت تلك الصعوبات. استعمل النص طريقة الاكتشاف لتحصيل المعلومات.

        2.3 تتعلق الطريقة الثانية [6] بتحليل نص رياضياتي إلى أشياء مختلفة حتى يكتشف المتعلم حلا لمشكل أو على الأقل التقدم في هذا الحل. هذه الأشياء هي الأجوبة للأسئلة التالية: ماذا تريد؟ (الأهداف)، ماذا لديك؟ (المعطيات)، كيف تحصل على مثل هذا الشئ؟ (الأفكار). بمعنى آخر، لفهم مشكل وبالتالي حله يجب تعيين أهدافه (مطالبه) ومعطياته ثم تطوير الأفكار اللاّزمة لحله. إن قيمة هذه التقنية تكمن في تحديد مكان صعوبة المشكل من خلال البنية التي يتركب منها. وعليه فالغاية هي فحص وضوح المشكل من خلال تعيين أهدافه ومعطياته والأفكار الضرورية لحله.

        لقد بينت الكثير من الأبحاث من أنه يمكن للمتعلمين أن يعينوا الأهداف لكنهم يجدون صعوبات في تعيين كل المعطيات وفي الغالب لا يمكنهم تعيين الأفكار الملائمة.

        بالرجوع إلى المرجع أعلاه، أدرس بعض التطبيقات لهذخ التقنية.