ملخص:
اتسعت في أيّامنا الفَجوة بين احتِياجات الطُّلاب التَّعليميّة-التَّربوية، وبين قدُرات المُعلِّمين المِهنيَّة، على مُواكبة التَّغييرات الحضَاريّة السَّريعة. وتزدادُ الحاجَة إلى توظِيف العَديد من الوسائل، والأساليب والاستراتيجيات التَّربويّة الحَديثة، لِتطوير مَهارات الطُّلاب على التفكير والبَحث والنّقد والإصغاء والانضباط، إلى أقصى حدٍّ مُمكِن.
وللوُصول إلى الأهداف المَرجُوَّة في وحدة علوم التربية؛ فالمُعلِّم عليه تطوير مَهاراته وقدراته في كافة المَجالات التّربوية، والمَعارف النفسيَّة، لسَبرِ أعماق الطّلاب ومعرفة أحسن السُّبل للوُصول إلى عقولهم وقلوبِهم. فالمَسيرة التَّعليميّة، في عَصرنا هذا، مشروع إنسانيٌّ طويل المدى، يحتاجُ لتَحفيز طاقات البَحث والإبداع لدَى الطّالب، لإثارةِ دافعيتِه، ورَغبتِه في تَحقيق ذاتِه.
إن الاتِّجاه التربويّ بالمؤسَّسات التّربوية، يَعتمدُ على طرُق التّلقين التّقليديّة، الّتي تُقلِّل مِن شأنِ الطالب، وتصنعُ منه مُتعلِّماً سلبِياً، ينتَظرُ دورَهُ للمُشارَكةِ في وقتٍ يُحدِّدُه المُعلم، مِمّا قد يؤدِّي إلى كَبتِ مواهبِه، وإطفاء شُعلةِ الإبداع لدَيهِ.
إنَّ مَصادر المَعرفة والعِلم المُتوفِّرة للطّلاب في هذه الأيّام، مُتنوِّعة ووَفيرة، يُمكنُ الوُصول إليها بطُرق سَهلة وجذَّابة، دُون الاعتِماد على المُعلِّم للحُصول عليها. إذَن، فَمُهمّة المُعلِّم لا تقتصرُ على تَوصِيل المعلُومات، بل هو مَسؤولٌ عن بِناء شَخصيَّة التّلميذ، الّذي يُفكّر، ويتفاعَلُ، ويَنتقِد باستقلالية، والّذي يُحسِن الوُصول إلى المعلُوماتِ لتَوسيع آفاقه ذاتياً. يقُول دِيوي أنّ" مِن أكثَرِ الآراءِ التّربَويّة سَخافةً، الرّأيُ القائل بأنَّ الشّخصَ لا يتعلّمُ إلا ما يَحصُلُ في الدّرسِ. فإن ما يَتّصِلُ بالدُّروس مِن مَعلُومات، تتفرَّعُ مِنها وتُكمِلها، تُؤدِّي إلى تكوينِ الاتِّجاهَاتِ النّفسيَّة، وتَحدِيد ما يحبُّه الإنسَان ويَميلُ إليه أو ما يَكرَهُه.. وكثيرًا ما تكونُ أكثرَ أهمِّيةً من هذه الدُّروس نفسِها. فهذِه الاتِّجاهاتُ النفسيَّةُ، هي الأُسُس الّتي سَوف يكونُ لها شأنٌ في المُستقبل. وأهمُّهن؛ الرَّغبةُ في مُتابعة التّعلُّم.