موسيقى اللغة العربية

تعتبر اللغة العربية دعامة من الدعائم الأساسية التي تحتوي في مضمونها الإيقاع اللفظي وتنغيمه، فهي نسيج لغوي موسيقي يعتمد على التفعيلة الايقاعية في مجمل الكلمة التي تكوّنها الحروف، وعلى التصويت اللفظي الذي يحدد أساليب اللهجة والطابع الصوتي.

كما من مزايا جماليات اللغة العربية تلاؤم اللفظ مع المعنى ملائمة موسيقية تامة، مما يدل على أن الموسيقى في حد ذاتها شيء فطري يسيطر على إحساس العربي في حياته اليومية ويؤثر في مرافقه.

إن اللغة العربية بألفاظها ومعانيها قد اتخذت من الموسيقى متكأ وسندا لها، فقسمت حروفها إلى طوائف تترجم كل منها عن معنى كلّي خاص يتفرع إلى معان أخرى لا تنتهي، من ذلك حروف الإطباق، وحروف الصفير، وحروف الحلق، وكلما نطقنا بحرف من هؤلاء وجدنا له صوتا موسيقيا يتناسب مع نطقه. ومما يثير الانتباه تسمية بعض أعضاء الجسم بأسماء يتردد فيها الصوت، أو الحرف الذي يخرجه كل عضو من هذه الأعضاء، من ذلك:

_ الحلق، الحلقوم، الحنجرة= وهي مخرج حرف الحاء.

_ البلعوم= مخرج حرف العين.

_ الفم والشفة= الأول مخرج حرفي الفاء والميم حرف شفوي.

_ الأنف= مخرج حرف النون.

أن اللغة العربية وما تتضمنه من ألفاظ ذات جرس موسيقي متميّز، تدلنا دلالة واضحة على أن الموسيقى قد تأصلت، وتغلغلت فيها بدءا من حروفها ووصولا إلى قاموسها الجامع، وكتابها الخالد كلام الله الذي هو تنزيل من حكيم حميد. فصار إتقان قراءته وتجويده، من أساسيات التدريب على الأداء السليم. لذلك كان ولا يزال له الأثر البليغ في تكوين نوابغ الموسيقيين، معظمهم بدؤوا حياتهم الفنية بتعلم أصول تجويده، وبالإنشاد في حلقات الذكر والمواليد، والتواشيح الدينية حيث تدربوا على أسرار فنونها مما أكسبهم الخبرة والمرونة في الأداء الصوتي مع وضوح النبرات وسلامة مخارج الحروف.

كما ترتبط جماليات التنغيم اللفظي بخاصيات اللهجات العربية ارتباطا وثيقا، فمن مضامين اللهجات المحلية تتبلور جماليات التفاعيل الايقاعية الدارجة، والتي تعكس الطابع الإقليمي الذي يحدد الانتماء الجغرافي لتلك اللهجات وما تتميّز به من خاصيات.